حلف الناتو يهدد روسيا لتتراجع في سوريا.
د.نسيب حطيط
لقد عاش العالم بعد إنتهاء الحرب بالعالمية الثانية مرحلة الحرب الباردة بين المحورين الغربي (حلف الناتو) بقيادة أميركا وبين المحور الشرقي (حلف وارسو) بقيادة الإتحاد السوفياتي وأنتهت هذه الحرب بمعركة ساخنة في أفغانستان والتي أعقبها تفكك الإتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية وحلف وارسو في العام 1990 ووراثته من قبل روسيا .
غابت روسيا لأكثر من عقدين من الزمن لترميم إقتصادها ومنظومتها الاجتماعية والعسكرية وأغتنمت أميركا هذه الفرصة الذهبية للسيطرة والتحكم بالعالم كقائد أوحد وحاكم يعبث كيفما شاء لحفظ مصالحه الأمنية والإقتصادية ،فقام بغزو العراق وأشعل الربيع العربي وأعلن مشروعه بتأسيس الشرق الأوسط الجديد أو الكبير القائم على زعزعة الأمن وتقسيم الدول الى كيانات قومية وطائفية على أن يبدأ المشروع في منطقة الشرق الأوسط ليتمدد الى إيران وتركيا ثم روسيا وبعدها الى أوروبا عبر تفكيك الإتحاد الأوروبي من قبل بريطانيا ثم بث النزعة الإنفصالية بين الشعوب الأوروبية وصولا الى تأسيس (العالم الصغير) بحيث تصبح الدول والكيانات على نموذج إمارات الخليج محميات أميركية والحكام قائمين بالأعمال او حكام لولايات أميركية عالمية لتأسيس الولايات المتحدة العالمية الأميركية .
لكن الرياح العسكرية المقاومة لم تك كما تشتهي السفن والبوارج الأميركية ،حيث أستطاع محور المقاومة إبتداء عبر ثلة من المقاومين اللبنانيين والجيش العربي السوري وايران أن يعرقل المشروع الأميركي بعد نجاحه سريعا في ليبيا ومصر وتونس وعرقلته في اليمن عبر الجيش وحركة أنصار الله وفي هذه الفترة كانت روسيا تنتهج الحياد السلبي مع خسارتها في ليبيا نتيجة الخداع الأميركي ولم تتجرا موسكو على التدخل والمساندة للمحور المقاوم إلا بعد مضي ثلاث سنوات على أحداث سوريا وتدخلت بداية بشكل خجول في مجلس الأمن عبر "الفيتو" مع الصين في بعض المرات في الوقت الذي كان محور المقاومة يتصدى وبشكل أسطوري للمشروع الأميركي العالمي وروسيا على منصة التفرج والمراقبة !
بعد التحرش الأميركي بروسيا في أوكرانيا حيث تم إسقاط رئيس الجمهورية وألغيت اللغة الروسية وطالبت السلطة الجديدة بالإنضمام للاتحاد الأوروبي والخروج من الحضن الروسي كمقدمة للإنضمام الى حلف "الناتو" مما دفع روسيا لإعادة إحتلال جزيرة القرم وإلحاقها بروسيا فكان الرد الأميركي والأوروبي قاسيا بعقوبات إقتصادية وعسكرية وتم التعامل مع روسيا كدولة من دول العالم الثالث ومخاطبتها بلغة الأمر وضرورة التراجع وإلا...ونتيجة لتقاطع المصالح بين محور المقاومة وروسيا ضد عدو مشترك تقدمت روسيا خطوة نحو التحالف مع سوريا وايران وكان التدخل الروسي في نهايات العام 2015حيث حشدت كل آلتها العسكرية النائمة منذ العام 1990 ورأت ان الهجوم خارج ارضها افضل وسائل الدفاع لمقاومة المشروع الأميركي الذي يتحضر لنقل المارينز التكفير الى الجمهوريات الإسلامية في روسيا وبعد النتائج الإيجابية والأرباح التي جنتها موسكو بشكل بات يهدد المصالح الأميركية وبدأت روسيا بالتعامل مع اميركا "الند للند" والثنائية الدولية في الإقليم بدأت اميركا بإعادة تحريك حلف الناتو وتجميع قواته على حدود روسيا وفضائها الأمني في دول البلطيق ودول حلف وارسو السابق وبعد بضعة أشهر سيتم نشره في كل من بولندا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا وكذلك مبالغة الإعلام بالقدرات الروسية لتأليب الراي العام حيث نشرت صحيفة "صن" البريطانية " بأن روسيا قادرة بخمس أو ست قنابل نوع " ساتانا – 2" على ازالة السواحل الشرقية للولايات المتحدة من على وجه الأرض خلال دقائق وكذلك فقد طلبت سامانتا باور مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة من مجلس الأمن الدولي ، فرض حصار اقتصادي كامل على روسيا، بسبب "تدخلها في الحقل الكهرومغناطيسي للأرض". واعتبر ريتشارد شيريف النائب السابق لقائد قوات الناتو في أوروبا أن الحرب بين الأطلسي وروسيا قادمة لا محالة مرجحا اندلاعها قبل نهاية العام الجاري وفي المقابل فقد اعتبر ألكسندر غروشكو مندوب روسيا لدى حلف الناتو "أن ممارسات الأطلسي صارت تولد خطرا يهدد الأمن الأوروبي بالكامل والاتفاقات المبرمة بين روسيا والناتو".
الحرب الأميركية – الروسية بدأت خلف الكواليس في العراق وسوريا ...فهل تتوسع اميركا في تهديد روسيا على حدودها لثنيها وإجبارها على التراجع في سوريا لتسهيل الإنتصار الأميركي – التكفيري او على الأقل الإحتفاظ بتوازن القوى ؟